مطويات صوفية (4)
صوم الوصال
بقلم: محمد حسين بزي
إلى القلب العامر بنور الحقيقة المحمدية، إلى الحبيب بنده يوسف

عندما يطرز العشق شفاه القمر؛ تبدأ رحلة القُبل الأرجوانية.
مسكين ذلك السالك، ما زال يطير وفي منقاره قفص..!
في ذلك المساء كانت تركض كلّ الجياد، إلا جواداً واحداً بقيّ يصهل في مكانه الموقوف منذ أول لقاء.
كانت أمه مهرة عربية أصيلة؛ لوحتها شمس مكة بنار بيتها الحرام..
وكانت ذات بهاء خاص، تشد على الرياح إذا ما انحسر لونها وقطم..
وكانت تستعير لون الحكمة المصفوف في الصدور دون السطور؛ وتصبغ به الوقت والخبز إذا ما انعدمت الرؤية إلا عن وجه المحبوب.
وما أن تلوح بارقة غيث حتى تدلف من اللون السماوي لتجمع براحتيها كل المطر؛ لساعة ظمأ وشدة وصلاة.
تلك الشهباء كانت نادرة الفِطام والقمح والمناجاة، وغامرة الحب لآخر قطرة مترشحة من أناملها القمحية.
لله درّ تلك الأم ما أشرفها حرماً وقمحاً وبنفسج..!
وما أعلاها صبراً وحناناً لا ينفطر عن أصله الذي لا زال بكراً..
وما أمضاها سناناً أخرساً إذا ما جدّ النزال في ساح قدس محبوبها.
فهل تراها (هي) من وقف ذلك الجواد في نذورات العشق..؟
أمْ اتخذت منه صوماً لوصال المحبوب..؟
ما أشرف صومها لو كان وصلاً.
عادة ما تموت الأمهات عاشقات..
وغالباً ما يعرجن إذا ما تضوّرن لقمح المحبوب..
فهل سنابل عليّ قد طاولت حتى القمر..؟!
ورسمت شفافه بورد فاطمة الموزع في جنّة حقله لتستقيم علاقة الأرض بالسماء..؟
كلُّ القُبل أرجوانية الآن..
وكلُّ الجهات قمر..
والجواد نذرٌ أوقفه العشق بوقفيّة أمه..
إذ لا نور إلاّ عليّ، ولا جنّة إلا فاطمة.. ولا بينهما إلا هُما؛ محمد .
الآراء الواردة في هذه الصفحة تعبر عن آراء أصحابها فقط؛ ولا تعبر بالضرورة عن رأي دار الأمير للثقافة والعلوم. |