نثرية (الحيوانية والكتابة الروحانية) ..
* بقلم: محمد صالح صرخوه
الثلاثاء 23 – 11 – 2010م
الثلاثاء 23 – 11 – 2010م

الهنديّ ينجرف ارثاً الى ثقافة النهر المقدّس ، و البقرة الالهة ! هو يبحث دوماً (فطريّاً) عن التزاوج الظاهريّ و الغيبيّ المنعكس على الجسد و الروح ، و هو يستلهم كل ذوقه من أساطيره العريقة ، ليختزله كلّه في سكبة حليب على ورقة شاي !
لا نجد في الارث الأدبي الهندي أي هراءات (على الأقل ، غالبا) ، و لا تتناول أدبياته الا ما يعد جوهرياً في كيان الثنائية المتوحدة المسمى (انسانا) ، و هو لا يتكلم الا غناءً و لا يتحرك الا رقصاً ! و لا يصلّي الا مكاشفةً باهرة !
على العكس تماماً من كل هذا جاء ارث العرب ! القوم الذين لا يعرفون سوى الماضي ، و لا يعبدون الا المحاكاة ! و يحاربون بكل ما يمتلكون من فخر و اعتزاز بذواتهم (المهزوزة دوماً) كل شكلٍ للتجديد ، أما العجب العجاب الذي ما سبقهم اليه قوم من الأقوام ، هو ابتكارهم للغة تقوقعية تُموسق كل شكل للتخلف والانحطاط ، كمصطلح (بدعة) الذي يكلّسون به كل ابداع ! و لعل الشاهد الصادق على ما أحكيه هنا ، هو التخلف اللغوي عند أهل اللغة ! ففي حين أن اللغات الغربية كالانجليزية مثلا ، قد وصلت بوصول قومها الى القمر ، و المريخ ، و زحل ، و بقية أطراف المجرة ، آثر العرب بقاء لغتهم في بيت العنكبوت العروضي ، متباهين بالمتنبي و امرؤ القيس و أبو تمام و كل من لعن تخلُّف هذه الأمة و بكى على أطلالها !
مازلنا نتذوق الشعر على سبيل المثال ، من زقاق الصوت المتهالك ، نافين كل عوالم القصيدة الى ما وراء العوالم ! مبقين على مومياء اللحظة الصوتية المشهودة المسمات (قافية) و كأنها محور العالم ، وعلى بعض المباشرة المحنطة بشيء من كافور البديع الذي ما زلنا نروم التعرف على أبعد عوالمه من على المتكة الشاطئية التي رعت نومنا الثقيل على جسد العصور !
ان ما يثير الغثيان من واقع هذه الأمة ، هي أنها أمة القرآن ! الكتاب الذي أعجز بيانه كل ساحر بيان ، أمة لم تتجاوز علاقتها بكتابها مسافة الفك من الفك ! في حين أن تطور أشكال الشعر عندها لم يتجاوز عدد أصابع اليد منذ عهد الجاهلية ، فصلت لنفسها وهما من التباهي على مقاسها معرية كل لغات الأمم الاخرى ، لتخرج على الملأ عارية تدّعي الحشمه ! و لا ضير ، ان ينعكس هذا كله على الواقع اليومي لهذه الأُمّة الأَمَه ! التي ما عرف تاريخها السياسي شخصا يوازي المهاتما غاندي فكرا ، و دينا ، و لا حتى زيّاً! و بالرغم من هذا ، باتت تستخدم كلمة (هندي) كشتيمة !
انها أمة حيوانية بحق ! و لا تمت الى الروحانية بأية صلة ! و على هذا ، يتحتم عليها في ما اذا كانت تنوي حقا الرقيّ بكل ما يمت الى كيانها بصلة ، أن يتحلّى شايها الثقيل على كبد (الاستكانة) ببعض الحليب ، و أن تتملّح لغتها الآسنة ببعض الزلازل !
وعلى هذا فليتنافس المتنافسون ! ..
يا أمة ضحكت من جهلها الأمم !! ..
الآراء الواردة في هذه الصفحة تعبر عن آراء أصحابها فقط؛ ولا تعبر بالضرورة عن رأي دار الأمير للثقافة والعلوم. |