الصفحة الرئيسة البريد الإلكتروني البحث
سيّد الاستثناء النضيرالهبوط الآمن في صحراء شريعتيعلي شريعتي/ العرفان الثوريهبوط في الصحراء مع محمد حسين بزيهوية الشعر الصّوفيالمقدس السيد محمد علي فضل الله وحديث الروحعبد المجيد زراقط في بحور السرد العربيقراءة في كتاب التغيير والإصلاحبرحيل الحاجة سامية شعيب«إحكي يا شهرزاد» اهتمام بشؤون المرأة المعاصرةالنموذج وأثره في صناعة الوعيتبادل الدلالة بين حياة الشاعر وحياة شخوصهالشيعة والدولة ( الجزء الثاني )الشيعة والدولة ( الجزء الأول )الإمام الخميني من الثورة إلى الدولةالعمل الرسالي وتحديات الراهنتوقيع كتاب أغاني القلب في علي النَّهريحفل توقيع كتاب أغاني القلبإصدار جديد للدكتور علي شريعتيصدور كتاب قراءات نقدية في رواية شمسحريق في مخازن دار الأميردار الأمير تنعى السيد خسرو شاهيإعلان هامصدر حديثاً ديوان وطن وغربةعبد النبي بزي يصدر ديوانه أصحاب الكساءتوزيع كتاب هبوط في الصحراء في لبنانإطلاق كتاب هبوط في الصحراءصدور هبوط في الصحراءمتحدِّثاً عن هوية الشعر الصوفينعي العلامة السيّد محمد علي فضل اللهندوة أدبية مميزة وحفل توقيعاحكي يا شهرزاد في العباسيةفي السرد العربي .. شعريّة وقضايامعرض مسقط للكتاب 2019دار الأمير تنعى د. بوران شريعت رضويالعرس الثاني لـ شهرزاد في النبطيةصدر حديثاً كتاب " حصاد لم يكتمل "جديد الشاعر عادل الصويريدرية فرحات تُصدر مجموعتها القصصيةتالا - قصةسِنْدِبادِيَّات الأرز والنّخِيلندوة حاشدة حول رواية شمسندوة وحفل توقيع رواية " شمس "خنجر حمية وقّع الماضي والحاضرمحمد حسين بزي وقع روايته " شمس "توقيع رواية شمستوقيع المجموعة الشعرية قدس اليمندار الأمير في معرض بيروتتوقيع كتاب قراءة نفسية في واقعة الطفدار الأمير في معرض الكويتمشاكل الأسرة بين الشرع والعرفالماضي والحاضرالفلسفة الاجتماعية وأصل السّياسةتاريخ ومعرفة الأديان الجزء الثانيالشاعرة جميلة حمود تصدر دمع الزنابقبيان صادر حول تزوير كتب شريعتي" بين الشاه والفقيه "محمد حسين بزي أصدر روايته " شمس "باسلة زعيتر وقعت " أحلام موجوعة "صدر حديثاً / قراءة نفسية في واقعة الطفصدر حديثاً / ديوان جبر مانولياصدر حديثاً / فأشارت إليهصدر حديثاً / رقص على مقامات المطرتكريم وحفل توقيع حاشد للسفير علي عجميحفل توقيع أحلام موجوعةتوقيع ديوان حقول الجسدباسلة زعيتر تُصدر باكورة أعمالهاالسفير علي عجمي يُصدر حقول الجسدصدر حديثاً عن دار الأمير كتاب عين الانتصارجديد دار الأمير : مختصر كتاب الحج للدكتور علي شريعتيصدر حديثاً كتاب دم ابيضاصدارات مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي
الصفحة الرئيسة اّخر الإصدارات أكثر الكتب قراءة أخبار ومعارض تواصل معنا أرسل لصديق

جديد الموقع

سيّد الاستثناء النضيرالهبوط الآمن في صحراء شريعتيعلي شريعتي/ العرفان الثوريهبوط في الصحراء مع محمد حسين بزيهوية الشعر الصّوفيالمقدس السيد محمد علي فضل الله وحديث الروحعبد المجيد زراقط في بحور السرد العربيقراءة في كتاب التغيير والإصلاحبرحيل الحاجة سامية شعيب«إحكي يا شهرزاد» اهتمام بشؤون المرأة المعاصرةالنموذج وأثره في صناعة الوعيتبادل الدلالة بين حياة الشاعر وحياة شخوصهالشيعة والدولة ( الجزء الثاني )الشيعة والدولة ( الجزء الأول )الإمام الخميني من الثورة إلى الدولةالعمل الرسالي وتحديات الراهنتوقيع كتاب أغاني القلب في علي النَّهريحفل توقيع كتاب أغاني القلبإصدار جديد للدكتور علي شريعتيصدور كتاب قراءات نقدية في رواية شمسحريق في مخازن دار الأميردار الأمير تنعى السيد خسرو شاهيإعلان هامصدر حديثاً ديوان وطن وغربةعبد النبي بزي يصدر ديوانه أصحاب الكساءتوزيع كتاب هبوط في الصحراء في لبنانإطلاق كتاب هبوط في الصحراءصدور هبوط في الصحراءمتحدِّثاً عن هوية الشعر الصوفينعي العلامة السيّد محمد علي فضل اللهندوة أدبية مميزة وحفل توقيعاحكي يا شهرزاد في العباسيةفي السرد العربي .. شعريّة وقضايامعرض مسقط للكتاب 2019دار الأمير تنعى د. بوران شريعت رضويالعرس الثاني لـ شهرزاد في النبطيةصدر حديثاً كتاب " حصاد لم يكتمل "جديد الشاعر عادل الصويريدرية فرحات تُصدر مجموعتها القصصيةتالا - قصةسِنْدِبادِيَّات الأرز والنّخِيلندوة حاشدة حول رواية شمسندوة وحفل توقيع رواية " شمس "خنجر حمية وقّع الماضي والحاضرمحمد حسين بزي وقع روايته " شمس "توقيع رواية شمستوقيع المجموعة الشعرية قدس اليمندار الأمير في معرض بيروتتوقيع كتاب قراءة نفسية في واقعة الطفدار الأمير في معرض الكويتمشاكل الأسرة بين الشرع والعرفالماضي والحاضرالفلسفة الاجتماعية وأصل السّياسةتاريخ ومعرفة الأديان الجزء الثانيالشاعرة جميلة حمود تصدر دمع الزنابقبيان صادر حول تزوير كتب شريعتي" بين الشاه والفقيه "محمد حسين بزي أصدر روايته " شمس "باسلة زعيتر وقعت " أحلام موجوعة "صدر حديثاً / قراءة نفسية في واقعة الطفصدر حديثاً / ديوان جبر مانولياصدر حديثاً / فأشارت إليهصدر حديثاً / رقص على مقامات المطرتكريم وحفل توقيع حاشد للسفير علي عجميحفل توقيع أحلام موجوعةتوقيع ديوان حقول الجسدباسلة زعيتر تُصدر باكورة أعمالهاالسفير علي عجمي يُصدر حقول الجسدصدر حديثاً عن دار الأمير كتاب عين الانتصارجديد دار الأمير : مختصر كتاب الحج للدكتور علي شريعتيصدر حديثاً كتاب دم ابيضاصدارات مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي

أقسام الكتب

مصاحف شريفة
سلسلة آثار علي شريعتي
فكر معاصر
فلسفة وتصوف وعرفان
تاريخ
سياسة
أديان وعقائد
أدب وشعر
ثقافة المقاومة
ثقافة عامة
كتب توزعها الدار

الصفحات المستقلة

نبذة عن الدار
عنوان الدار
About Dar Al Amir
Contact Us
شهادات تقدير
مجلة شريعتي
مواقع صديقة
هيئة بنت جبيل
اصدارات مركز الحضارة

تصنيفات المقالات

شعراء وقصائد
قضايا الشعر والأدب
ريشة روح
أقلام مُقَاوِمَة
التنوير وأعلامه
قضايا معرفية
قضايا فلسفية
قضايا معاصرة
الحكمة العملية
في فكر علي شريعتي
في فكر عبد الوهاب المسيري
حرب تموز 2006
حرب تموز بأقلام اسرائيلية
English articles

الزوار

13286676

الكتب

300

القائمة البريدية

 

إطلالة على أفكار علي شريعتي

((في فكر علي شريعتي))

تصغير الخط تكبير الخط

إطلالة على أفكار علي شريعتي

بقلم: علي حسين فرج الفكيكي

alishariati6_255كثيرون هم الذين تحدثوا عن شريعتي تأبيناً وتحليلا: الخميني، مطهري، موسى الصدر، عبد الكريم سروش وغيرهم .ولكن وبرغم تراثه الغزير الذي تجاوز المئة والعشرين كتاباً -عربياً -ما زال شريعتي حتى الآن فكراً في دهاليز الزمن ومقبرة الرفوف ينتظر من يزيل الغبار عنه.

فالكل يسمع بالدكتور شريعتي مفكراً ومثقفاً ومصلحاً وثائراً ولكن لا احد يعرف سوى القليل من هو شريعتي. لا شك وكما يذكر د .عبد الكريم سروش في إحدى دراساته المخصصة عن الدكتور شريعتي"أننا لو عدنا إلى سيرة المرحوم شريعتي واكتشفنا بواكير انبهاراته وكشوفاته لكنُا قد وضعنا اليد على مفاتيح شخصيته وأفكاره وهذه قاعدة تسري على كل العظماء الذين تركوا بصمات على المجتمع والتاريخ". شريعتي هذه الشخصية القلقة التي كانت ولا تزال تثير جدلا واسعا حول المفاهيم والأفكار التي كان يطرحها في حسينية الإرشاد في سبعينيات القرن الفائت" كان مقاتلاً شرساً صعب المراس يتحدث من دون مواراة بجرأة قل مثيلها عن أمور أقفلت بأحكام وشفرت بكلمات سرية محرمة على شريعتي ومن هم على شاكلته مصححا من خلالها المفاهيم التي كانت سائدة آنذاك،   

يتحدث عن الإسلام وتاريخ التشيع في مجتمع مشحون حد الإفراط مواجها آلهة السلطة والمال والتدين المزيف حتى انتفض عليه الجميع( الشاه وحوزة قم) سجن‘ عُذب وشًُرد واتهم بكل شيء" سيئ. وهابي, شيوعي". وعلى الجانب الآخر وعندما تشرف بحج بيت الله الحرام مُنع من القاء كلمته في المؤتمر الإسلامي لأنه" شيعي متطرف". هكذا كان شريعتي يحارب على عدة جهات من دون أن يتعب، صار وحده جيشا يقاتل التغًرب والتحجر العقائدي ووعاظ السلاطين وسلطة الفراعنة. عندها تضطر السلطة الى غلق حسينية الإرشاد عام1973وُسجن لعام ونصف ثم يخرج بوساطة مسؤولي الجزائر الذين ردوا جميل وقفته الشجاعة من فرنسا في إثناء ثورة الجزائر. رحل شريعتي عن إيران عام 1977 متجها إلى لندن وبعد شهر من أقامته هناك عثر عليه ميتاََ ميتة غامضة وتعلن السلطة أنها نوبة قلبية. لم يسمح لجثمانه بأن يدفن في إيران فُينقل إلى دمشق ويدفن في الحرم الزينبي. ذكر في احدى رسائله" ما أسوأ إن يموت الإنسان في بيته بسبب الإسهال مثلا، أني أتمنى الاستشهاد وادفن إلى جوار قبر تلك السيدة البطلة" وها قد تحققت. بعد هذا الاستطراد لسيرة الدكتور شريعتي لا بد من الوقوف على الشخصية الرئيسية التي صاغت هذا الإنسان "المتمرد على كل شي سوى المبدأ"‘ الشخصية التي جاء بها من عمق التاريخ وعاش معها في القرن العشرين انه أبو ذر الغفاري أول شخصية تعرف عليها شريعتي في حياته الفكرية و بقيت عالقة في ذهنه حتى مات معها في المنفى.

أنجز شريعتي وبتوجيه من والده أول أعماله الأدبية وهو ترجمته كتاب ( أبو ذر) لجودة السحار عام 1955 وعندما نشر الكتاب اخذ معه روح المترجم الى الجمهور واوضح أول شخصية عشقها المرحوم شريعتي وأعطاها حبه وإخلاصه. كان يطل على الإسلام والتاريخ من شرفات أبي ذر ولم يستبدل بها شرفات أخرى على مدى حياته فذكر في احدى ندواته "أنا مضطر لتقليد غايتي المحبوبة أبي ذر الغفاري الذي أخذت عنه إسلامي وتشيعي ومبادئي وهمومي وأوجاعي وشعاراتي" ويعترض احد الحاضرين نبرته في نقد التقاليد الدينية الدارجة ومن يتبعها جارحة لاذعة وليس هذا منطق الباحثين غير المتعصبين؟ فيجيب أنا لست باحثا علميا، انما تثقل على روحي أعباء قرون طويلة من التعذيب والاستشهاد، وها قد لذت ببيت فاطمة الطيني المهجور وارى إن قوما جعلوه دكانا وبدلوا تلك القبلة التي كانت بالنسبة لي كعبة انعتاق من خمسة الآف سنة من الرق والجور والجهل وأنت تريدني اان اصطنع دراسات هادئة بطريقة لينة. ليس منطقي مثل منطق ابن سينا والغزالي والباحثين المستشرقين أنه منطق أبي ذر" هكذا كان يرى الإسلام يرى أبا ذر كتلة من الايمان والغضب والجهاد تجسيدا للدين وديناً متجسداً خلافا لابن سينا الذي كان جبلا من الإلهيات. في احدى المرات سألت زوجة الامام الخميني عن الشهيدين مطهري وشريعتي فأجاب "إن الأول يكتب بعمق والثاني يكتب بجاذبية" لقد كان المرحوم شاعرا، وفنانا، أديبا، ساحرا، يجذب القلوب بأسلوبه البسيط غير المتكلف عندئذ لا تجد خيارا إلا الإنصات بخشوع لهذا المبدع فمثلا كتابه( الحسين وارث ادم) على سبيل المثال عبارة عن سيمفونية حزينة، مقطوعات شعرية تقطر دما تحمل آهات كربلاء" أنا حزين أقيم العزاء وابكي نفسي وفي قلبي عاشوراء مجزرة الآمال وأنا المح كربلاء مصيري المظلوم اشهد اسر بقاياي وكل ما تخلف مني، أي مصير اليم هذا". غالبا ما كانت كتاباته تحمل فكرة واحدة يسهب في إيضاحها ولكنه إسهاب العاشق لعشيقته فتمر الساعات تلو الأخرى والجمهور ما زال مبهورا بهذا المثقف المؤدلج. سأله احد رفاق دربه: ما أفضل عمل قمنا به في السنوات الماضية؟ فأجاب: "لقد نجحنا بتحويل الثقافة إلى أيديولوجيا". كان مدخلة لفهم الإسلام كلا من "التاريخ وعلم الاجتماع" فيذكر د. سروش "أن المرحوم شريعتي كان بالدرجة الأولى مؤرخا، والتاريخ مدخله الرئيسي الى الإسلام إضافة إلى نافذة علم الاجتماع التي من خلالها تكاثفت في ذهنه صور لابي ذر" .ويمكن ان نجمل أسلوب شريعتي بالنقاط التالية:

1 - إن الرجل ولكونه متخصصاً في علم الاجتماع الديني لابد من ان يكون هكذا واقصد اقتصاره على الأفكار القليلة المكثفة والكتابة بلغة مبسطة اقرب ما تكون إلى الشعر.
2 - ربط الناس بالتراث عن طريق توظيفه الدقيق للحكايات والأساطير وسير الشعوب.
3 - إطلاعه الواسع على الأفكار والفلسفات المعاصرة ومقارنتها مع الطروحات الإسلامية .
4 - تأثره الشديد بابي ذر مما يجعله لا يقبل بأنصاف الحلول ولا يعتمد الحلول البنائية طويلة الأمد‘كان منهجه كابي ذر "المنهج الثوري" وقد صدر له كتاب يحمل العنوان نفسه.
5- كان ولا يزال الشخص الوحيد الذي استطاع أن يخترق سلطة رجل الدين ومحل عمله" المسجد"على الرغم من كونه لا يرتدي زي الدين الرسمي حتى نافس أروع وأعظم رجال الدين في زمنه وهو الشهيد مطهري.

هذه الأمور دفعت الأمة إلى التفاعل مع د. شريعتي سواء على مستوى النخب (مثقفين ورجال دين) أو على مستوى عوام الناس. ذات يوم كان في "مشهد" وكانت ليلة عاشوراء فماذا يفعل؟ وكيف يقضي ليلته العظيمة هذه؟ فكّر في الذهاب إلى المجالس المعقودة للتعزية لكنّ إيمانه واعتقاده بعظمة الحسين وعظمة عمله منعه من سماع سيل الإهانات وتحملها "حيث تكون الكثير تضطر الخطيب احياناً إلى عرض المأساة بشكل سلبي. فكّر في أن يكتب رسالة عزاء للحسين"ع"عنوانها (الحسين وارث آدم) فكان هذا الكتاب فيقول ص66 "كتبت هذا النص لنفسي لأقرأه على احد‘ كتبته لنفسي لأبوح بكل عقدي وعقائدي في هذا المجال الضيق".

هذا الكتاب يحكي فلسفة التاريخ ونشوء المجتمعات وعوامل التصدع التي تلاحقها منذ ادم إلى اخر الزمان استوحاها د. شريعتي من "زيارة وارث" المشهورة يقول ص124" أن مصطلح الوراثة لم يدخل في نص الزيارة بمحض المصادفة إنما هو مصطلح علمي تاريخي له أصله الفلسفي والعقائدي في الإسلام والمسمى "بالوحدة التاريخية". لهذا فالحوادث المتفرقة التي تقع في مقاطع زمانية ومكانية مختلفة إنما تسير باتجاه واحد وترتبط فيما بينها ارتباطاً منطقياً وفق قوانين العلية وتشكل كل واحدة منها حلقة في سلسلة متصلة منذ بداية التاريخ البشري "آدم" إلى نهاية نظام التناقض والنزاع في التاريخ وهذا ما يطلق عليه اسم "التسلسل المنطقي والحتمية التاريخية". هذا يعني إن شريعتي يؤمن بالحتمية التاريخية ولكن لا على أساس الصراع الجدلي الأعمى الذي يكون فيه الإنسان مجرد ألعوبة لا إرادة له ‘إنما على أساس القوانين المنطقية التي تجعل الإنسان مختارا في إن يفرض أرادته على ارادة التاريخ. قال تعالى" إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ ". إن هذا قد يناقض ما ذكره في كتابه( العودة إلى الذات) ص141حيث" يعتبر الإنسان وليدا للتاريخ، أي إن العناصر الشخصية التي تكون الفرد في المجتمع هي صنيعة التاريخ". لنتفق "إن التاريخ ليس أكذوبة اتفق عليها الجميع" كما يدعي (نابليون)"وإن الفرد لا يتكون في فترة عمره فحسب بل في فترة تاريخية" كما يقول "شاندل" ولكن يجب إن يكون ذلك تابعا لإرادة الإنسان واختياره وليس العكس وقد صرح القران بذلك مرارا. قال تعالى في ذم الكافرين. "بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ ".هذا يعني إن للأعراف والتقاليد دورها الكبير في سلوك الأفراد ولكن قد يكون التاريخ مشوهاً نتيجة الجهل والعصبية والأطماع والسلطة...الخ عندئذ يأتي دور الأنبياء والرسل والمصلحين كي يصحًحوا مسيرة الإنسانية. فمثلاً إن حركة الحسين "ع"ليست حركة مبتورة ولم يخرج الحسين "ع"لأجل يزيد فقط لأنه منحرف شارب للخمر قاتل للنفس المحترمة‘بل كانت حركته "ع"امتداداً ًلحركةً واحدة تجري في تيار الزمن وتنتقل من آن إلى آن‘عبارة عن حركة رسالتها التاريخية إنقاذ الناس وتكامل الإنسان. في مقابل هذه الحركة الإسلامية تقف القوى الأخرى المحادة لله والمحاربة للناس وهي أيضاًً تتوارث تاريخها الملطخ بدماء المستضعفين جيلاًً بعد جيل ولهذا فالحرب قائمة دائماً وفي كل مكان بين محورين (الله وإبليس)(هابيل وقابيل)(إبراهيم والنمرود)(موسى وفرعون)(يحيى وهيرودس)(عيسى وقيصر)(محمد وقريش) الخ.. والسبب من وجهة نظر شريعتي "ثلاثي التاريخ المشؤوم" (السلطة‘الاقتصاد‘الدين المنحرف)(الشفرة الذهب المسبحة)(فرعون قارون بلعم بن باعورا).

مثلث قاعدته المال وضلعاه السلطة والتدين المنحرف ولكن لنتساءل ما منشأ هذا الصراع الأزلي ومن أين استوحى شريعتي فكرته هذه؟ يسحبنا شريعتي بعيدا إلى ما قبل التاريخ وأقبيته القديمة إلى حكاية النزاع التي يرويها القراء بين ابني ادم (قابيل وهابيل) فيتساءل ما الذي يدفع قابيل إلى قتل أخيه؟ هل يعقل من اجل الشهوة فقط ؟(يروى إن أخت هابيل كانت جميلة فعشقها قابيل وقتل أخاه) ولكن هذا السؤال يبقى بلا جواب حتى الان لماذا يسقط قابيل فريسة الشهوة ولا يؤثر هذا العامل القوي في هابيل ويدفعه إلى الخيانة وقتل أخيه فهذان الأخوان لهما أب واحد وأم واحدة وبيئة واحدة وتربية واحدة وتجربة واحدة فمن أين جاء هذا التناقض في الخَلق؟ إذن لابد من وجود عامل غير مشترك بين هذين الأخوين المتشابهين في كل شيء. هنا يأتي دور المعلم شريعتي فيعيد قراءة التاريخ ولكن بصورة غير مألوفة صورته هو فيذكر في كتابة (العودة إلى ألذات) ص "403ان العامل غير المشترك في سيرة هذين ألأخوين هو نوع العمل ووضع الحياة الاقتصادية لكل منهما فاحدهما يرعى الغنم والآخر مزارع وهذا الاختلاف جدير بالتأمل". لقد كان هابيل راعيا أي إنسان مرحلة الحرية‘ تحرر الإنسان من الأرض‘ إنسان المرحلة التي لم تكن فيها الملكية قد ظهرت بعد. فالجميع يعيشون أحرارا في أحضان الطبيعة ويأكلون من مائدتها السخية وكانت موجودة بالتساوي تحت سيطرة الجميع وكان المجتمع ينقسم إلى أفراد لا إلى طبقات. إذ إن الطبقات الاقتصادية تتشكل على أساس الملكية أو احتكار مصادر الإنتاج تظهر عندما تصبح مصادر الإنتاج محدودة‘ وهذا ما يحصل عندما تتحول مصادر الإنتاج من الرعي والصيد إلى الزراعة. فالأرض الزراعية محدودة ولا يمكن أن تكون تحت أفراد غير محدودين إذ في النهاية لابد من أن تكون نصيبا لأحد ويبقى الآخر بلا نصيب. ومن هنا تقوم الملكية بإيجاد طبقتين: طبقة مالكة وطبقة محرومة. ويتحول المجتمع الذي كان مجموعة من الأفراد إلى مجتمع يحوي على طبقتين والعامل الذي يحدد هذا الامتلاك أو الحرمان هو القوة.

والخلاصة أن قابيل هو نموذج المجتمع الطبقي والملكية الفردية والتناقض والاشتباك الممتزج بالكراهية بين الطبقات وتقسيم المجتمع الإنساني وتحويل الاخوة البشرية إلى تشاحن اقتصادي وسحق الحقيقة في سبيل المنفعة. ومن هنا فان الغريزة الجنسية المتساوية بين هذين الأخوين تدفع قابيل فحسب إلى الجريمة بينما يبقى هابيل مصونا من هذه الآفة يحتفظ بشرفه وسلامه ومحبته.

ومن هنا فان قتل هابيل الراعي على يد قابيل مالك الأرض يعني انتهاء مرحلة الشراكة والمساواة ودخول التاريخ إلى مرحلة الزراعة والملكية وتُسيطر الطبقة الثرية القوية على مصير الطبقة الفقيرة الضعيفة ويحكم النظام القابيلي على تاريخ الإنسان. وفي الحقيقة إن حفظ هذا النظام لا يتيسر كما يقول" ميكافيلي" فقط عندما يكون الإنسان ذئبا بل لابد من أن يكون ثعلبا كونه ذئبا يعتمد على السيف والمال وكونه ثعلبا يعني انه يستند الدين . (فرعون يصعد على رقاب الفقراء وقارون يفرغ جيوبهم وبلعم بن باعورا يقول اصبر يا أخي لا عليك هذا قدر مكتوب إن موعدك الجنة). الحسين وارث الراية الحمراء منذ ادم وهي تحمل مصير المعذبين في أقبية الزمن... جاء اليوم منتفضاً على يزيد رمز الكفر والسلطة والجبروت ولكن المفارقة المخجلة إن الذين خرجوا مع الحسين "ع" هم سبعون وعلى ضفة يزيد تجد الألوف. والسبب ثلاثي الشؤم سيف عبيد الله بن زياد ونقود بن سعد وفتوى شريح القاضي. خرج الحسين طالبا ًبثأر قابيل و إبراهيم وموسى وعيسى وعلي.. خرج الحسين وهو يمثل راية العدالة والإنسانية والحق.. خرج الحسين ليُسٌلم هذه الراية إلى الأجيال القادمة .ولهذا صرخ وهو في طريقه إلى الموت وتسليم الراية.. صرخ في الأجيال المتعاقبة على مر العصور (هل من ناصر ينصرني؟) وما زال ينتظر الإجابة. هذه هي حكاية الكتاب‘حكاية الضحية والجلاد ‘السيد والعبد.وهذا هو أسلوب شريعتي –أسلوب الراوي العليم-الذي يكون فيه شخصية المؤلف وأسلوبه طاغية.

المصدر: جريدة المدى

 الآراء الواردة في هذه الصفحة تعبر عن آراء أصحابها فقط؛ ولا تعبر بالضرورة عن رأي دار الأمير للثقافة والعلوم.

11-07-2008 الساعة 06:13 عدد القراءات 5546    

الإسم
البريد
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد

تعليقات القراء 1 تعليق / تعليقات

حسين: فكر شريعتي

14-07-2008 | 07-33د

كم نحن بحاجة شديدة وضرورية لللإطلاع على أفكار هذا المفكر الكبير علي شريعتي.
هذا المفكر الذي اتهموه بأشد التهم ... حتى أن أغلب من هاجم شريعتي لم يقرأ أي من كتاباته. ومعظم أعداء شريعتي عندما اطلعوا على أفكاره وجدوا واعترفوا أن من يريد أن يعرف الدين الحقيقي أو الإسلام الحقيقي بشكل خاص عليه أن يجعل من شريعتي مثالاً أعلى.

جميع الحقوق محفوظة لدار الأمير © 2022