الصفحة الرئيسة البريد الإلكتروني البحث
سيّد الاستثناء النضيرالهبوط الآمن في صحراء شريعتيعلي شريعتي/ العرفان الثوريهبوط في الصحراء مع محمد حسين بزيهوية الشعر الصّوفيالمقدس السيد محمد علي فضل الله وحديث الروحعبد المجيد زراقط في بحور السرد العربيقراءة في كتاب التغيير والإصلاحبرحيل الحاجة سامية شعيب«إحكي يا شهرزاد» اهتمام بشؤون المرأة المعاصرةالنموذج وأثره في صناعة الوعيتبادل الدلالة بين حياة الشاعر وحياة شخوصهالشيعة والدولة ( الجزء الثاني )الشيعة والدولة ( الجزء الأول )الإمام الخميني من الثورة إلى الدولةالعمل الرسالي وتحديات الراهنتوقيع كتاب أغاني القلب في علي النَّهريحفل توقيع كتاب أغاني القلبإصدار جديد للدكتور علي شريعتيصدور كتاب قراءات نقدية في رواية شمسحريق في مخازن دار الأميردار الأمير تنعى السيد خسرو شاهيإعلان هامصدر حديثاً ديوان وطن وغربةعبد النبي بزي يصدر ديوانه أصحاب الكساءتوزيع كتاب هبوط في الصحراء في لبنانإطلاق كتاب هبوط في الصحراءصدور هبوط في الصحراءمتحدِّثاً عن هوية الشعر الصوفينعي العلامة السيّد محمد علي فضل اللهندوة أدبية مميزة وحفل توقيعاحكي يا شهرزاد في العباسيةفي السرد العربي .. شعريّة وقضايامعرض مسقط للكتاب 2019دار الأمير تنعى د. بوران شريعت رضويالعرس الثاني لـ شهرزاد في النبطيةصدر حديثاً كتاب " حصاد لم يكتمل "جديد الشاعر عادل الصويريدرية فرحات تُصدر مجموعتها القصصيةتالا - قصةسِنْدِبادِيَّات الأرز والنّخِيلندوة حاشدة حول رواية شمسندوة وحفل توقيع رواية " شمس "خنجر حمية وقّع الماضي والحاضرمحمد حسين بزي وقع روايته " شمس "توقيع رواية شمستوقيع المجموعة الشعرية قدس اليمندار الأمير في معرض بيروتتوقيع كتاب قراءة نفسية في واقعة الطفدار الأمير في معرض الكويتمشاكل الأسرة بين الشرع والعرفالماضي والحاضرالفلسفة الاجتماعية وأصل السّياسةتاريخ ومعرفة الأديان الجزء الثانيالشاعرة جميلة حمود تصدر دمع الزنابقبيان صادر حول تزوير كتب شريعتي" بين الشاه والفقيه "محمد حسين بزي أصدر روايته " شمس "باسلة زعيتر وقعت " أحلام موجوعة "صدر حديثاً / قراءة نفسية في واقعة الطفصدر حديثاً / ديوان جبر مانولياصدر حديثاً / فأشارت إليهصدر حديثاً / رقص على مقامات المطرتكريم وحفل توقيع حاشد للسفير علي عجميحفل توقيع أحلام موجوعةتوقيع ديوان حقول الجسدباسلة زعيتر تُصدر باكورة أعمالهاالسفير علي عجمي يُصدر حقول الجسدصدر حديثاً عن دار الأمير كتاب عين الانتصارجديد دار الأمير : مختصر كتاب الحج للدكتور علي شريعتيصدر حديثاً كتاب دم ابيضاصدارات مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي
الصفحة الرئيسة اّخر الإصدارات أكثر الكتب قراءة أخبار ومعارض تواصل معنا أرسل لصديق

جديد الموقع

سيّد الاستثناء النضيرالهبوط الآمن في صحراء شريعتيعلي شريعتي/ العرفان الثوريهبوط في الصحراء مع محمد حسين بزيهوية الشعر الصّوفيالمقدس السيد محمد علي فضل الله وحديث الروحعبد المجيد زراقط في بحور السرد العربيقراءة في كتاب التغيير والإصلاحبرحيل الحاجة سامية شعيب«إحكي يا شهرزاد» اهتمام بشؤون المرأة المعاصرةالنموذج وأثره في صناعة الوعيتبادل الدلالة بين حياة الشاعر وحياة شخوصهالشيعة والدولة ( الجزء الثاني )الشيعة والدولة ( الجزء الأول )الإمام الخميني من الثورة إلى الدولةالعمل الرسالي وتحديات الراهنتوقيع كتاب أغاني القلب في علي النَّهريحفل توقيع كتاب أغاني القلبإصدار جديد للدكتور علي شريعتيصدور كتاب قراءات نقدية في رواية شمسحريق في مخازن دار الأميردار الأمير تنعى السيد خسرو شاهيإعلان هامصدر حديثاً ديوان وطن وغربةعبد النبي بزي يصدر ديوانه أصحاب الكساءتوزيع كتاب هبوط في الصحراء في لبنانإطلاق كتاب هبوط في الصحراءصدور هبوط في الصحراءمتحدِّثاً عن هوية الشعر الصوفينعي العلامة السيّد محمد علي فضل اللهندوة أدبية مميزة وحفل توقيعاحكي يا شهرزاد في العباسيةفي السرد العربي .. شعريّة وقضايامعرض مسقط للكتاب 2019دار الأمير تنعى د. بوران شريعت رضويالعرس الثاني لـ شهرزاد في النبطيةصدر حديثاً كتاب " حصاد لم يكتمل "جديد الشاعر عادل الصويريدرية فرحات تُصدر مجموعتها القصصيةتالا - قصةسِنْدِبادِيَّات الأرز والنّخِيلندوة حاشدة حول رواية شمسندوة وحفل توقيع رواية " شمس "خنجر حمية وقّع الماضي والحاضرمحمد حسين بزي وقع روايته " شمس "توقيع رواية شمستوقيع المجموعة الشعرية قدس اليمندار الأمير في معرض بيروتتوقيع كتاب قراءة نفسية في واقعة الطفدار الأمير في معرض الكويتمشاكل الأسرة بين الشرع والعرفالماضي والحاضرالفلسفة الاجتماعية وأصل السّياسةتاريخ ومعرفة الأديان الجزء الثانيالشاعرة جميلة حمود تصدر دمع الزنابقبيان صادر حول تزوير كتب شريعتي" بين الشاه والفقيه "محمد حسين بزي أصدر روايته " شمس "باسلة زعيتر وقعت " أحلام موجوعة "صدر حديثاً / قراءة نفسية في واقعة الطفصدر حديثاً / ديوان جبر مانولياصدر حديثاً / فأشارت إليهصدر حديثاً / رقص على مقامات المطرتكريم وحفل توقيع حاشد للسفير علي عجميحفل توقيع أحلام موجوعةتوقيع ديوان حقول الجسدباسلة زعيتر تُصدر باكورة أعمالهاالسفير علي عجمي يُصدر حقول الجسدصدر حديثاً عن دار الأمير كتاب عين الانتصارجديد دار الأمير : مختصر كتاب الحج للدكتور علي شريعتيصدر حديثاً كتاب دم ابيضاصدارات مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي

أقسام الكتب

مصاحف شريفة
سلسلة آثار علي شريعتي
فكر معاصر
فلسفة وتصوف وعرفان
تاريخ
سياسة
أديان وعقائد
أدب وشعر
ثقافة المقاومة
ثقافة عامة
كتب توزعها الدار

الصفحات المستقلة

نبذة عن الدار
عنوان الدار
About Dar Al Amir
Contact Us
شهادات تقدير
مجلة شريعتي
مواقع صديقة
هيئة بنت جبيل
اصدارات مركز الحضارة

تصنيفات المقالات

شعراء وقصائد
قضايا الشعر والأدب
ريشة روح
أقلام مُقَاوِمَة
التنوير وأعلامه
قضايا معرفية
قضايا فلسفية
قضايا معاصرة
الحكمة العملية
في فكر علي شريعتي
في فكر عبد الوهاب المسيري
حرب تموز 2006
حرب تموز بأقلام اسرائيلية
English articles

الزوار

13269270

الكتب

300

القائمة البريدية

 

خطاب التنوير الديني لدى المفكر علي شريعتي

((في فكر علي شريعتي))

تصغير الخط تكبير الخط

خطاب التنوير الديني لدى المفكر الدكتور علي شريعتي

بقلم: حسن بشير.

ان الخطاب الديني الحالي في المجتمع يجب ان تتسع دائرة اهتماماته ليستوعب التيارات العالمية الجديدة في مجالاتها الاجتماعية والسياسيةtanwerdeni_200 المختلفة، وبدلاً من ان يظل ازاء المفاهيم العالمية الجديدة في حالة حيرة وانبهار لا بد ان ينزل هو الآخر الى الساحة معتمداً على العلم والمنطق والاستدلال ليخوض مع هذه المفاهيم جدليته، فما كان منها متوافقاً مع الاصالة الدينية يتقبله بلا أدنى تردد بعيداً عن التعصب والانانية.

الخطاب عند علي شريعتي هو خطاب التنوير الديني في ايران المعاصرة، وان كان هذا اللون من الخطاب لم يبتدئ مع شريعتي إلا انه يحتفظ له بدوره الكبير والمؤثر. وأرى هنا ضرورة توضيح ثلاث نقاط مهمة تتعلق بهذا الموضوع.

1- هل يمكن القول ان ما نصطلح عليه بـ(خطاب شريعتي) هو اصطلاح في محله، ام اننا يجب ان نستخدم تعابير اخرى من قبيل رسالة شريعتي أو فكره او حتى اسلوبه في تناول القضايا الدينية او الثقافية، وان نتحاشى (الخطاب) الذي يعد التيار المتواصل للحوار الاجتماعي في اقل تجلياته.
2- ما المقصود من (التنوير الديني)؟ وهل يمكن للدين ان يتقبل مقولة للتنوير، وهي تتأسس حسب المنحى الغربي على مقومات مادية؟.
3- ما هي مساحة الدور الذي لعبه شريعتي في خطاب التنوير الديني؟

الاسلام أولاً.

لا بد لأي اتجاه فكري لكي يتحول الى خطاب اجتماعي ان يتوفر على أربعة عناصر مهمة/ الوجود الفعلي للفكر/ المفكر أو المفكرون المؤمنون بالفكر والمناضلون لاجله/ اسلوب عرض هذا الفكر/ وأخيراً المجتمع الحي المتفاعل مع هكذا فكر.

وهذا ما استوفاه خطاب شريعتي، والذي عبرنا عنه بالخطاب الاجتماعي في ايران وقد شكل الاسلام المحور الاصلي للاتجاه الفكري لدى شريعتي ونحن نلاحظ ان المجتمع الايراني، بخاصة في عصر شريعتي، الذي كان يخضع آنذاك لقوى مهيمنة تمثلت في غوغائية اليسار والتخلف الرجعي والتضليل الشاهنشاهي، كان وبشكل ملح متعطشاً لفكر اصيل ينقذه من الضياع الذي اوجده اليسار واليمين ولكي يضعه على جادة الوعي الصحيح بملابسات اللحظة الآتية والايمان بالتغيير ووجهته المطلوبة.

لقد كان المجتمع يمر بفترة متميزة من التحفز والاستعداد للتأثر بالتيارات والظواهر المتداعية المختلفة، ما اوجد ارضية مناسبة لتسويق الرؤى والمشاريع الفكرية، وساعد ظهور شريعتي كمفكر تنويري بأسلوبه التجديدي في طرح الفكر الاسلامي، على تبلور الخطاب الاجتماعي لديه وسريانه في المجتمع.

لم يكن الاسلام في المجتمع الايراني المعاصر لشريعتي ظاهرة جديدة لم يألفها بعد، إلا أن الشيء الذي لم يره ذلك المجتمع في الاسلام من قبل هو الحضور القوي للأفكار الاسلامية على الصعد السياسية والاجتماعية والثقافية في الساحة، فلقد اجتمعت القوى المهيمنة الثلاث التي اشرنا اليها آنفاً وهي اليسار بغوغائيته والرجعية بأفكارها الماضوية والنظام الشاهنشاهي بسياسته التضليلية، اجتمعت على اخراج الاسلام من صلب المجتمع كنظام دنيوي اخروي وحصره في انتماءات فردية، مشددة على انه (اي الاسلام) مذهب عرفاني وعلاقة خاصة بين الانسان وربه، وليس منظومة مجتمعية وقد نجحت هذه التيارات في تسويق هذه الافكار الى حد بعيد وخطير.

ان اول حركة سياسية - اجتماعية للدين في المجتمع الايراني في ذلك الزمان كانت الانتفاضة التي عرفت بانتفاضة (الخامس عشر من خرداد من العام الإيراني 2431 هجري شمسي 3691 ميلادي) بقيادة الإمام الخميني. فقد تمكن الامام في هذه الحركة من ارجاع الاسلام الى قلب المجتمع وتحويله الى أمر حياتي لا يمكن تجاهله ابداً. وقد كانت السياسة آنذاك وبشكل جدي تواصل منحى الانفصال عن الدين. وقد ساهم بعض الرجعيين وبالتعاون مع دوائر النظام الشاهنشاهي الحاكم او حتى بعدم التعاون مع تلك الدوائر وانما من اجل ارضاء عملاء النظام، في تركيز هذا الانفصال عبر نبشهم لكتب التراث المدفونة والاستشهاد بالروايات الدينية التي تضفي الشرعية على ضرورة عزل الدين عن السياسة، وكأنهم لم يسمعوا المقولة الشهيرة للشهيد آية الله حسين مدرسي «ديننا هو عين سياستنا» والتي هي دعوة صريحة للحضور الفعال والمصيري للدين في المجتمع، او كأنهم راحوا يحتفلون باحتضار الدين في المجتمع وغيابه النهائي عنه!

لقد اعطت نهضة الامام الخميني وعلى طول الخط عملية استعادة الحضور السياسي والاجتماعي للدين في المجتمع دفقاً قويا ومتسارعاً، ومن الطبيعي ان يكون لهذه النهضة ردود فعل لم تستمد عناصرها من جانب النظام الشاهنشاهي الحاكم فحسب، بل ومن التيار الرجعي ايضاً، الذي اندفع لمعارضتها بالطرق المختلفة. وعليه فإن المجتمع آنذاك كان يتطلع لخطاب يعنى بقيمه الفكرية، وهويته الحضارية ويعبر عنها، ومن أجل ايجاد خطاب ديني جديد كان ينبغي أولاً اعتماد لغة وأسلوب محددين يمكن بهما مخاطبة مجتع يتعطش للانقاذ وبالخصوص قطاع الشباب المتعلم ودعوته الى التعرف على القيم الاصيلة في الدين، وان الدين يمكن ان يكون طريقاً او منهجاً واسلوباً للحياة.

انتفاضة خورداد تستعيد الحضور الديني

الحلقة المفقودة

من هنا فإن لغة الخطاب لدى شريعتي كانت الحلقة المفقودة التي ملأت الفراغ في تلك الفترة وبشكل جيد، وقد مثل اسلوب شريعتي في طرح المسائل والقضايا الدينية اهم العناصر المؤسسة لخطابه الاجتماعي، فهو اسلوب لم يعتمد على الاقناع العلمي فحسب، بل تمتد جذوره لكشف النقاط المضيئة والعملية في الاصالة الدينية، التي تأخذ طريقها لتناغمها مع تطلعاتهم، وهو من جانب آخر اسلوب لا يتعارض مع التوجه البيئوي للمجتمع اذ يمكن ان نقول انه عبر عن نوع من العرفان العملي، وهذا مبحث يحتاج الى تفصيل اكثر نتركه لمناسبة اخرى.

لقد تمتع خطاب شريعتي الاجتماعي بقوة ذاتية مكنته من اجتياح القطاع الجامعي في البلاد، وهو قطاع يحظى بأهمية قصوى .فالجامعيون كان وما يزال لهم دور كبير في ايجاد وتدعيم التيار التنويري في البلاد، وقد تمكن شريعتي خلال ذلك من فرض عزلة قاسية على تيار اليسار ودفعه الى التعثر في مزاولة نشاطاته، وقد ظل هذا التيار على حالة الانزواء تلك حتى بعد رحيل شريعتي ولم يستطع ان يفرض نفسه بعنوان الفكر او التيار السائد في المجتمع.

ومن المؤكد ان تباين وجهات النظر حول اساليب الخطاب لدى شريعتي لم يستطع ان يخرجه من خانة المفكرين، بل تحول ذلك الى عامل آخر ساهم في تنامي مكانته وتعاظم دوره.

على صعيد آخر فإن مشروع الاحياء الديني، لدى شريعتي، كان يتطابق تماما مع الاهداف التي حددتها انتفاضة الخامس عشر من خرداد بقيادة الامام الخميني وقد لعبت هذه الانتفاضة دورا كبيراً في تدعيم ركائز الخطاب الجديد الذي اطلقه شريعتي، وطبعاً لا بد ان نشير هنا الى اننا لا يمكن ان نتوقع من شريعتي ان يكون في طرحه للمسائل الدينية - وكما هو عالم الدين المتخصص - ملماً بجميع النواحي والجوانب الفقهية والاصولية في كل مسألة. كما ان الممارسات الخاطئة لبعض المتصدين للدين هي التي حركت شريعتي للاصطدام بهم. فالتفسير الخاطئ والعاجز والبعيد عن العقل والمنطق للمسائل الدينية لدى هذا البعض تركت اثرها الكبير على الممارسات النقدية الحادة لشريعتي لتلك الاتجاهات في تحميل الدين ما ليس فيه.

ان كل ما قيل عن المؤاخذات في فكر شريعتي وبعضها فعلا كذلك، الا انها ازاء فكر شريعتي ومعاناته وخطابه ليست ذات اهمية كبيرة.

الدين ومقولة التنوير

النقطة الثانية التي اشرنا اليها من اجل البحث هي موضوع التنوير الديني: هل يمكن للدين ان يتقبل مقولة (التنوير) وهي قائمة اساساً على المنطق المادي في المجتمع الغربي.

على الرغم من ان هذه المقولة غربية المنشأ وقد ظهرت لأول مرة في عصر التنوير وتقوم على مبدأ فصل الدين عن الحياة الا انها وانسياقاً مع التحولات الكثيرة التي شهدها المجتمع الايراني منذ القرن التاسع عشر حتى الآن، لم تعد تعني وبالحرف الواحد لدى المثقفين والمفكرين الايرانيين ازاحة الدين عن الساحة الفكرية كما هي الحال في الغرب. ولعل احد العناصر المهمة لهذا التمايز، الاختلاف الموجود بين المسيحية والاسلام، فالاسلام ينسجم بشكل تام مع المنطق والاستدلال والعقلانية، وهذه الحقيقة الساطعة شغلت الكثير من المفكرين غير الدينيين والمثقفين غير المسلمين فكيف بها لمن يعيشون في مجتمع مسلم وبيئة مسلمة ويتنفسون في فضاء الاسلام الثقافي.

لقد طوى التنوير في ايران خلال قرنين من عمره مراحل مختلفة تباينت فيها اتجاهاته من التغريب الكامل، او بعبارة اخرى اقصاء الدين والتبني الكامل للفكر الغربي، الى محاربة التغريب والموقف المضاد من الغرب والفكر الغربي.

ومن بين هذه المراحل يمكن الاشارة الى اتجاه يعتمد على التعايش بين الدين والفكر الحديث الغربي، او بتعبير آخر التجديد من خلال العودة الى الذات والى الاصالة الذاتية واستعادة الهوية الدينية للمجتمع بالتوافق مع المتغيرات المعاصرة، ومن الطبيعي ان يكون لكل من هذه الاتجاهات انصارها ودعاتها من المفكرين والمثقفين في ايران.

ولم يكن التنوير في ايران نسخة طبق الاصل عن مثيله في الغرب، ولعل هذا يعود الى التباين الاساس في اصول المسائل مورد الاهتمام او الاختلاف في اساليب تناولها. وبشكل عام التباين في البنى السياسية والثقافية والاجتماعية الذي لعب دوره الاساس في تمايزهما.

ومن هنا يمكننا القول ان مسألة التنوير في المجتمع الايراني، كما في المجتمعات الاسلامية الاخرى، لا يمكنها ان تحقق ما حققته مثيلاتها المعروفة في الغرب، عدا عن ان نتائجها ستكون متناسبة تماما مع ذلك التباين وتلك الفروق.

ومن جانب آخر فإن التنوير وقبل ان يكون معنياً بالبحث في المسائل المتعلقة بموضوع ما فإنه يلزم نفسه الاعتناء بأساليب ومكانة ذلك الموضوع او بعبارة اخرى فإن اي موضوع مهما كان لا بد ان يحوز اهميته لدى المثقف او المتنور ودون ذلك لا يمكن خلق عمل فكري وتظل النظرة النقدية للموضوع وطريقة التلقي والتحليل لذلك الموضوع الشاغل الأول لدى المثقف.

والمعروف أن المثقف التنويري، قبل ان يركز اهتمامه على النظم الموجودة فعلا، فإنه يفكر بالمشاريع الجديدة فالتنوير بحقيقة الأمر مشروع معالجات جديدة لنظم سابقة. وبهذا الشكل فإن التنوير يمكن ان يجد مكانته في ايران عبر الاعتماد على الاساليب الجديدة وتبلور الرؤى والافكار ذات النزعة التغييرية وان يكون مختلفا بكل هذا عن نظيره التنوير الغربي.

ونظراً لكون حركة التنوير يمكن ان تعني الاستفادة من الاساليب الجديدة لإعادة صياغة الأنظمة السائدة فإن وجود التمايز بين التنوير الايراني والتنوير الغربي يمكنه ان يعكس ابداعاً وتجديداً في الفكر في الجانب الثقافي وهذا في الواقع من اهم الوظائف الملقاة على عاتق التنوير.

تنوير اسلامي

وهنا يمكن ان نحدد علاقة الدين بالتنوير عبر التسامح، مثلما هي علاقة الاسلام بالتجديد في نطاق البحوث والدراسات حول الاسلام، وكما نعلم فإن الاجتهاد في المسائل الدينية يعد عاملاً مهماً للغاية في جعل الدين يبدو حيويا متجدداً على الدوام، وعليه فإن الاجتهاد هو بحق تنوير اسلامي يلعب دورا فعالا في ايجاد التلاحم القوي بين الدين والتجديد الفكري.

فالاجتهاد، باعتماده على العقل ورعايته لجوانب المتغير في الزمان والمكان واحاطته بالتطورات الحاصلة في العالم في الميادين المعرفية والعلوم الانسانية المختلفة وسعيه لاستصدار افضل الحلول بالاستناد الى الاصول والمباني الاسلامية، انما يقدم افضل دليل على وجود التنوير الاسلامي.

وتجدر الاشارة هنا الى انه لم تظهر، حتى الآن، بحوث ودراسات شاملة حول العلاقة بين التنوير والاجتهاد وامكان الاستفادة من هذه النظرة وكيفية اعادة تشكيل الساحة الفكرية والعلمية لمجتمع ما في ظل الدين وذلك بخطاب يعنى بالتحولات الآتية من لغة عصرية مستوعبة دليلاً للانسانية تستحقه تلبية لحاجات مجتمعاتنا وبخاصة العلوم الاجتماعية لما لهذا التوجه من اهمية قصوى في ظل التحولات التي يشهدها النظام العالمي حالياً.

المفكر الشهيد مرتضى مطهري مثال بارز على التنوير الديني في أوساط علماء الدين لدى الشيعة من خلال منهجه الفكري الذي اعتمد الاصالة الدينية النقية من الشوائب والمعاصرة بكل اتجاهاتها الفكرية والاجتماعية، وقد تركت معاصرة الشهيد مطهري للدكتور شريعتي تأثيرها التكميلي على مشروع الثقافة الاسلامية المعاصرة في ايران. وكما ساهمت اعمال مطهري في ترشيد الاتجاه الديني الذي اكتسح الجامعات ورافقته الكثير من الاشكاليات التي تعتبر طبيعية على هامش تيارات اجتماعية متسارعة وربما يمكننا القول انه على الرغم من التأثير العميق الذي تركه مطهري في الحقيقة على الاتجاه الثقافي والفكري للنظام الاسلامي الجديد، فإن من اهم ادوار هذا المفكر المعاصر لشريعتي قد تجلت في الفترة من العام 0691 ولغاية 0791 وسعيه المتواصل لتصحيح الاتجاه وتخليصه من ظواهر الاسفاف والتطرف.

الجمع بين التنوير والتدين

اما مسألة استثمار وترشيد الاتجاه الديني الذي اوجده علي شريعتي في الوسط الجامعي، ومن قبله مطهري. فهي موضوع بحث آخر.

ان امكان الجمع بين التنوير والتدين، يكون ميسراً في حالة عدم ايجاد تضاد بين الدين والعلم من جهة وان يكون الدين مستعداً دائماً لاستيعاب المتغير ومواصلة التكامل على مدى الزمان والمكان من جهة اخرى. وعلى الرغم من ان التعريف الغربي للتنوير اقترن دائماً وعلى مدى تاريخه بالعلمنة واقصاء الدين، الا انه، كما اسلفنا، فإن هذه النظرة المادية كانت وبشكل كلي قد سجلت موقفها من المسيحية من جهة ومن التقاليد والمواريث غير العقلانية من جهة اخرى.

وبما ان الاسلام عد العقلانية احد المصادر الرئيسية للدين ولم يقل بتضاد العقل مع الدين بل وأكثر من ذلك فإن ما لا يقره العقل لا يقره الدين والتجديد في الدائرة الدينية يقرنه بالاجتهاد. وبشكل اجمالي فإن التنوير لا يمكن ان يتعارض مع الاسلام ومن جميع الجوانب. كما ان وجود متنورين مسلمين من خارج علماء الدين امثال جلال آل احمد وعلي شريعتي في المجتمع الايراني افضل دليل على عدم تعارض الاسلام القائم على الاجتهاد مع التنوير.

دور شريعتي في خطاب التنوير

النقطة الاخيرة في بحثنا هذا هي دور الشهيد الدكتور علي شريعتي في خطاب التنوير الديني.

لعلنا يمكن ان نقول وبشكل قاطع ان ايران لم تشهد، منذ نهضة الامام الخميني وصولاً الى بروز علي شريعتي، حركة جدية مثل انتفاضة الخامس عشر من خرداد استطاعت ان تحدث تلاحما قويا بين المجتمع والدين وعلى نحو غير مسبوق. وكانت خطوة الخميني في انتفاضة الخامس عشر من خرداد خطوة لم تعهدها الحوزات الدينية آنذاك. ولهذا، وبما حملته من بوادر مواجهة جديدة وما احدثته من نقلة نوعية في موقف علماء الدين بالذات تفاعل معها الوسط الجماهيري وانشد لها بشكل اساسي. وكان وجود مرجع ديني كبير على رأس القيادة في هكذا انتفاضة استطاع ان يدير بشجاعة دفة المواجهة التي استهدفت رأس الهرم في النظام الشاهنشاهي وقد ساهم في فتح الباب على مصراعيه للاتجاه الاسلامي وان تستعيد الساحة الايرانية ثوابتها الحضارية التي عملت القوى الرجعية والعلمانية اليمينية واليسارية وكذلك النظام الشاهنشاهي. على تغييبها وتشويه سمعة الدين كونه يتعارض مع التجديد والعصرنة وقد استطاعت الخدعة الكبيرة لهذه القوى من جرف الشباب الايراني بعيدا عن هويته محدثة شروخا كبيرة في بنيته الفكرية والعقيدية. الا ان هذه الطليعة الشبابية سرعان ما استعادت وعيها واستجابت لنداء انقاذ المجتمع من النظام والاستبداد عن طريق العودة الى الاصالة متمثلة بالاسلام ولتبدأ مع هذه الاستجابة مرحلة الصحوة الجديدة التي انتهت في آخر المطاف بانتصار الثورة الاسلامية.

وكان انطلاق هذه المرحلة ليس سهلاً بالمرة فإن حاجة المجتمع، بخاصة الشباب والجامعيون منهم بالذات الذين يحملون راية الحركة الفكرية في المجتمع، الى تبيين المسائل والقضايا الدينية واقناعهم بعدم وجود تعارض بين الدين والتدين والمدنية والتجديد، عبر لغة واسلوب دعوى جديد ومقنع لم يكن يلبيها الا مفكرون يمكن ان ينبثقوا من الوسط الجامعي نفسه ليتحملوا هذه المسؤولية الخطيرة. وكان شريعتي المصداق البارز لذلك. فهذا المفكر المسلم المتنور استطاع عبر تبنيه لخطاب ديني عصري ابتكره هو بالذات من جذب ذلك الوسط الجامعي المتعطش لاستعادة هويته والمتطلع للخلاص من الضياع الفكري الذي كان يحاصره.

الخطاب الاسلامي لشريعتي لم يكن خطاب فرد، وانما هو خطاب مجتمع كان يهدف للخلاص من الظلم والاستبداد الشاهنشاهي ومن التيارات الدخيلة يسارية كانت او يمينية. هذا المجتمع قرر ان يختار بنفسه طريق خلاصه الذي وجده في الدين. ولقد أُثري هذا الخطاب الاسلامي على ايدي علماء ومفكرين آخرين من مثل مطهري، الذي امتازت كتاباته ومحاضراته بأصالتها وانفتاحها على المتغير.

ان انتصار الثورة الاسلامية، هو انتصار للخطاب التنويري الاسلامي على جميع الاتجاهات الفكرية والثورية غير الدينية في البلاد، ولا يخفى في هذا الانتصار دور مفكرين بارزين من امثال مطهري وشريعتي.

واليوم فإن هذا الخطاب لا يزال يمارس دوره. ومع كل الانتصارات التي حققها لحد الآن. فإذا لم يستطع ان يحتفظ بقاعدته المتمثلة بالاصالة الدينية التي اسس لها مطهري، فانه لا بد وان ينساق صوب الانحراف والتطرف ويساهم في توفير الارضية المساعدة لسقوط المجتمع في شراك الاستبداد والدكتاتورية.

ان الخطاب الديني الحالي في المجتمع على الرغم من انه يستلهم من خطابات كخطابات شريعتي، لكن يجب ان تتسع دائرة اهتماماته لما هو اكبر و اكثر الحاحاً من ذلك ليستوعب التيارات العالمية الجديدة في مجالاتها الاجتماعية والسياسية المختلفة، وبدلاً من ان يظل ازاء المفاهيم العالمية الجديدة في حالة حيرة وانبهار لا بد ان ينزل هو الآخر للساحة معتمداً على العلم والمنطق والاستدلال ليخوض مع هذه المفاهيم جدليته فما كان منها موافقا مع الاصالة الدينية يتقبله بلا ادنى تردد وبعيداً عن التعصب والانانية.

المصدر: النور اللندنية، العدد،151، 2003.

 الآراء الواردة في هذه الصفحة تعبر عن آراء أصحابها فقط؛ ولا تعبر بالضرورة عن رأي دار الأمير للثقافة والعلوم.

05-06-2008 الساعة 10:10 عدد القراءات 2909    

الإسم
البريد
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد


جميع الحقوق محفوظة لدار الأمير © 2022