فقه التعايش
غير المسلمين في المجتمع الإسلامي
حقوقهم وواجباتهم

 

تحوّل الدين شاء المتدينون أم أبَوا، إلى عنصر من عناصر التآلف بين أتباع الدين الواحد، وعنصر تخالف بينهم وبين أتباع الديانات الأخرى. ثم اقتضى التطوّر الاجتماعيّ والتاريخيّ أن يتقاسم أتباع ديانتين أو أكثر إقليماً واحداً. أو أن يكون بينهم جواراً مشتركاً. فنشأت علاقات اجتماعية احتاجت إلى قوانين تنظم شؤونها وتحول دون تحوّل الاختلاف إلى شقاق.

وشهد التاريخ الإنسانيّ نموذجاً يستوحي من الدين تلك القوانين المنظّمة للعلاقة بين المؤمنين به وبين غيرهم ممن يعتنق عقيدة مختلفةً. فطرح الفقهاء المسلمون خلال مسيرة العمل الفقهيّ مجموعة من النظريّات لتنظيم هذه العلاقة. وهذه النظريّات الفقهيّة فيها من الجهد ما يدعو إلى النظر فيها حتى لو قيل بتعطيلها في زمن الحديث عن المواطنة بدل الحديث عن الذمة وأهلها.

وهذا الكتاب محاولة بحثيّة تغوص في أعماق التراث الفقهيّ لاستجلاء ما فيه من أفكار تستحقّ تلك العناية والدرس النظريّ.